قبل 14 يوماً استُدعي الشاب محمود عياش الأحمد إلى المحكمة العسكرية في إشكال، كما قال شقيقه مصطفى، "لا علاقة له فيه، لا بل لم يكن متواجداً أصلاً في المكان حينها. فالإشكال بيني وبين رئيس البلدية يعود إلى ما قبل سنة، وقد أسقط الرئيس حقه، لنفاجأ بمذكرة استدعاء بحق محمود وسجنه. وبعد أن أطلعنا المحامي على أنه سيخرج خلال 10 أيام، فارق الحياة داخل السجن في اليوم التاسع، ليخرج جثة إلى مثواه الأخير". وأضاف: "خلال التحقيق معي أطلعت القاضي على أن لا دخل لشقيقي بالإشكال، وقد أوقفت 81 يوماً في سجن الريحانية في بعبدا، وخرجت بعد إسقاط الحق وتصالحنا مع رئيس البلدية".
الخبر المأسوي
سكتة قلبية أنهت حياة ابن وادي الحور الوالد لأربعة أطفال، الشاب البالغ من العمر 26 سنة، والذي كرّس حياته من أجل علاج ابنه ابن السنة وثلاثة أشهر المصاب بمرض في كليته ومثانته. ولفت مصطفى إلى أنه "دخل محمود إلى السجن في السادس من هذا الشهر، زرته في اليوم التالي، كذلك في التاسع منه، ويوم الثلثاء الماضي، كان طبيعياً جداً وصحته جيدة ولا يعاني من أي سوء، وفي اليوم التالي تلقيت اتصالاً سئلت خلاله عما إن كان شقيقي يعاني من أي مرض أو أنه يأخذ أدوية معينة؟ أجبت كلا، وبعدها بساعة تلقيت اتصالاً ثانياً أُخبرت بوفاته بسكتة قلبية".
كان محمود يعمل في مطعم "هواتشيكن"، إلا أن راتبه لم يكن يكفي مصروف عائلته وعلاج ابنه، لذلك اضطر إلى طلب المال من المساجد، حيث كان كل أمله أن يشفى طفله. وأشار مصطفى إلى أن "شقيقي كان كالوردة، ذبل خلال 9 أيام داخل السجن، لا أريد أن أدّعي بوجود إهمال، إلا أن سؤالنا الأساسي": لماذا سُجن والقضية أُسقط الحق عنها؟".
رحل محمود تاركاً أربعة أطفال كانوا بالنسبة له محور الحياة. رحل قبل أن يطمئن على طفله الصغير الذي حاول كل ما في استطاعته لتأمين علاجه. أطفاله يسألون عنه. فقد كان ينتظر انتهاءعمله ليبقى إلى جانبهم، يلاعبهم ويمازحهم، وإذ به يغيب فجأة عنهم.
في الأمس، ووري محمود في الثرى قبل أن يتسنى له وداع أحبته، وقد أطلقت عائلته صرخة ألم لإعادة النظر بقوانين لبنان "الظالمة".