ملاحقة القَرض الحسَن: الخطّة ب!
DATE: 01.01.2021
 
 
 
 
أرادَ "الكاوبوي" وأدَ حركة السوق لدى بيئة المقاومة وإخضاعها لمنطق "الحصار"، لذلك لجأ إلى ملاحقة المصارف وفرض معايير وشروط عليها تحت عنوان مخادع: "تفكيك إقتصاد حزب الله". المصارف كان لها بصمتها في هذا المجال. كاد قسم كبير منها أن يتفوّق على التدابير الأميركية ذات نفسها. وصل بهم الأمر في بعض الأحيان إلى ملاحقة حسابات الأفراد ورجال الأعمال الشيعة إلى غرف نومهم، لمجرّد الشبهة فقط!
 
طبعاً الحزب قال وكرّر عدم صلته، وأيّ من مؤسساته بالنظام المالي اللبناني. مع ذلك، ثمّة من كان يجهد في التقصي عن أية معلومات يمكن ان يرتكز إليها في مجال الوصول إلى ربطٍ ما بين الحزب وأي مصرف. رمى الاميركيون من وراء ذلك إلى تقليب بيئة المقاومة، بكافة إمتداداتها الجيوسياسية، على حزب الله بوصفه المسؤول عما يجري. لكن النتائج جاءت عكسية. تعاضدت البيئة مع الحزب، وقد أثمر ذلك إبتكار آلية للصمود تحت عنوان "المواجهة" ومفهوم "لن نجوع".
 
 
 
مِن بين تلك الأدوات، مؤسسة القرض الحسن التي أسّست عام 1982. وبدل أن يتراجع دورها نتيجة العقوبات التي أدرجت على قوائمها عام 2007، تعزّز. فمنذ دخول البلاد نفق الازمة المالية – الاقتصادية عام 2019 ازدهرَ نشاطها وتعاظم دورها إلى حد إفتتاح مراكز جديدة وإدخال نظم حديثة ومتطورة إلى عملها، ما أخرج البعض عن طورهم.
 
يعودُ إزدهار نشاط "القرض الحسن" إلى عدة عوامل على رأسها الثقة. هي الثقة التي فقدها العملاء في المصارف فعثروا عليها لدى "القرض الحسن". أمر أدّى بطبيعة الحال إلى هجرة رؤوس أموال، في ما بقيَ لها من أموال، تجاه فروع المؤسسة ليتحولوا إلى مودعين. مثّل ذلك عملياً إعلان سقوط الهدف الاساس المتمثّل بإخضاع بيئة المقاومة لمندرجات الحصار المالي الأميركي. على العكس من ذلك تحولت، نتيجة الحصار، إلى "مستودع مالي ضخم!".
 
بحكم خلو "منطق العقوبات" من أي نتائج عملية تُذكر أو تأثيرات على نشاط "القرض الحسن" بل وإنقلاب النتائج المتوقعة، كان لا بدّ من خطة "ب". إنتقل الهجوم من ملاحقة إلى محاولات تشويه صورة. دونما أدنى شك، تصرف واشنطن من رصيدها لقاء عملات تصبّ في هذا الهدف. إعلاميون ووسائل إعلامية وساسة جرى توظيفهم تحت عنوان: "ملاحقة القرض الحسن".
 
رمَت التقارير التي بُثت مؤخراً عبر وسائل إعلام محددة وعلى فترات، إلى إظهار أن "المؤسسة" عبارة عن جهة مالية مستقلة تابعة لحزب الله وخارجة عن القانون وإحدى دوائر الفساد ومصدر لضرب النظام المالي اللبناني. عملياً، اراد هؤلاء اختلاق ربط بين تهاوي هذا النظام و تعاظم دور القرض الحسن!
 
بل أكثر من ذلك، كان من بين الأهداف خلق مجالات تسهم في إنتاج عوامل فقدان الثقة بين المؤسسة وعملائها، من ثم المراكمة على نتائجها، لـ"تطفيشهم" طبعاً، بعدما أدرك القائمون على الحملة، أن قوة المؤسسة نابعة في الأساس من المصادر المالية – البشرية التي ترفد شرايينها والتي زادت بحكم فقدان عامل الثقة بين المودع والمصارف اللبنانية.
 
الهجومُ السيبرانيّ الواسع الذي تبنّته جهة مشكوك في ارتباطاتها بين الداخل والخارج وما تضمنّه من نشر معلومات، يصبّ في هذا الاتجاه: "خلق عوامل عدم ثقة". هو اسلوب من اساليب الحرب النفسية التي جاءت إستكمالاً للتقارير الإعلامية وتصريحات بعض السياسيين.
 
مِن المنطقيّ الاستنتاج، ان الهدف من وراء العقوبات فشل، ويفترض في هذه الحالة أننا أمام نماذج متعدّدة من الملاحقات. يتوقع في المرحلة المقبلة أن تمتد المواجهة لتشمل البحث عن الجهات التي تزوّد "القرض الحسن" وسواه بالبرامج الالكترونية الذكية التي تسهم في توسيع النشاط، وهذا يندرج طبعاً ضمن إطار محاولات التحريض والتهويل نفسها.
 
بناءً على التقلّب الحاد في النتائج، اكتشف الأميركيون ومن خلفهم سياسيين في الداخل، أن قضية "ضرب بيئة حزب الله" في شقّها المالي والنفسي، أضحت عملية صعبة، أشبه بملاحقة "دون أفق" تدور على منهاج لعبة "القط والفأر": الإدارة الاميركية تلاحق وحزب الله ينتج افكاراً يوظّفها في إطار حرب أدمغة.
 
كنتيجة لعدم جدوى العقوبات على القرض الحسن أو بيئة المقاومة ككل، لجأ الأميركيون الى حشد قدرات أكثر من مستوى لبناني داخلي بهدف الضرب على وتر المؤسسة بصفتها "مؤسسة مالية تتعدى على النظام المالي اللبناني"، الـ Slogan الذي تُدار الحملة تحت شعاره. أُريد عملياً إقحام هذه النظام "الساقط" - بنظر اللبنانيين- في غمرة مقارعة القرض الحسن لتأمين أهداف اميركية في طبيعة الحال.
 
لكن حتى الآن، ما زالت "المصارف" توصد أبوابها وتنأى بنفسها من المشاركة فى حفلة الزجل السياسة – الإعلامية، خشية على نفسها، وليس لأي أمر آخر.
 
في الأصل، تعلم أن صورتها أمام بيئة المقاومة "مضروبة". أقل تهمة يمكن أن تعثر عليها تبدأ بإتهام المصارف بالتآمر على بيئة المقاومة وممارسة أساليب ملتوية بهدف الضغط عليها، والخضوع لرغبة الأميركيين، هذه تكفي...
 
لذا، لا يبدو أن جمعية المصارف الذي تأسر أموال اللبنانيين لغايات تتراوح بين سياسة ومالية، مستعدة لتدشين نمط جديدة من الحرب، إلّا إذا. في النتيجة، قد نلحظ توسيعاً للحملة خلال المدى المنظور حتى تشمل شرائح أخرى لم تكن مدرجة في الأصل على قوائم التوظيف.
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح  
Programmed By Alaa Moubayed(03/082841)