جريمة القرض الحسن ..
DATE: 01.01.2021
 
 
 
كتب الدكتور ديب هاشم:
يحتاج المرء للكثير من السذاجة لكي يؤمن ان تلك الهجمة المسعورة على مؤسسة اجتماعية ناجحة كالقرض الحسن ليست كلاً متكاملاً مبرمجاً، يقودها مايسترو واحد.
أولئك السياسيون الساديون الذين نهبوا البلد حتى آخر فلس، وهربوا اموال الناس للخارج، ومعهم ديدان الإعلام الذي ولد من عفن الصفقات المشبوهة وما برح يقتات على مزابل البترودولار، ثم قطاعات النهب الربوي المصرفي، وصولاً الى خفافيش الظلام الذين انجزوا تلك الغزوة الداعشية على النظام الالكتروني للمؤسسة، كل أولئك انما يجمعهم حقد واحد أزلي حيال كل ما ينتمي للمقاومة وبيئتها وناسها.
 
لقد زعم الغزاة انهم قرصنوا لائحة اسماء المودعين ورفعوا عنها السرية.
ثم ضاعوا في متاهة توصيف اصحاب تلك اللائحة.
فهم، بزعمهم، "ضحايا" تلك المؤسسة التي "تتاجر" بهم.
وهم في الوقت ذاته ممولو "ارهاب حزب الله" العاصي على نظام بلطجة مالي اسمه "سويفت".
وما ادراك ما "سويفت".
نظام تسيطر عليه دول تمارس الإرهاب الحقيقي بحق مجتمعات بأسرها وتفرض تشبيحها عليهم تحت مسمى العقوبات.
 
اما جريمة المؤسسة فهي انها خالفت "ممسحة" اسمها "قانون النقد والتسليف" يمسح بها ارباب المصارف أحذيتهم كل يوم.
وجريمتها بحق "ضحاياها" انها حفظت اموالهم في الوقت الذي نهب فيه النظام المصرفي "القانوني" اموال المودعين.
وأنها شكلت ضمانة من حرب الجوع والحصار التي تشن على مجتمع كل ذنبه انه لم يرضخ، في زمن الزحف العربي على البطون نحو اسرائيل.
وأنها تمنح قروضاً بالعملة الصعبة لإنقاذ طلبة مشردين جائعين في اربع رياح الأرض ضحكت على ذويهم دولتهم العلية بممسحة اخرى اسمها "قانون الدولار الطالبي".
وانها شكلت حضناً بديلاً عن حضن دولة غائبة افترسها زعماء عصابات السياسة والطائفية وأرغموها على البصم بأصابع اطرافها العشرين على ضياع حقوق الناس ومستقبل اولادهم وجنى أعمارهم.
فليفرح الناهبون إذن.
 
ها قد وقع نظرهم أخيراً على ما حسبوه كبش محرقة يحرف الأنظار عما تخبئه حساباتهم في الخارج من جنى لصوصيتهم.
وليشفوا غليلهم من هؤلاء الذين "اجرموا" فوضعوا اموالهم في القرض الحسن بدلاً من البنوك، فانقذوها "بفعلتهم المنكرة" من السرقة وحرموا منها اللصوص.
فليفرح الناهبون بهذا "النصر المؤزر".
لكن ثمة امراً ينبغي عليهم، في غمرة فرحهم ذاك، ان يعيدوا حساباتهم بشأنه.
فلا يحسبنّ هؤلاء ان كشف اسماء المودعين يشكل حرجاً لمجتمع المقاومة وحصنها وحضنها.
 
فالذي يرفع صور شهدائه ويزفهم عرساناً في يوم استشهادهم، ويرتفع بفخره بهم فوق السحاب، والذي تعيش فلسطين في حنايا قلبه برغم ارهاب امريكا وبطشها وتنكر الأعراب لها، لن يستحيي من ان يُتهم "بجريمة ارهابية" قوامها دعم اخوته وأهله بمال أودعه في مؤسسة محصنة بالثقة والمصداقية.
واما دروس "الاستحمار الممنهج" التي يحسب أهلها انهم يشيطنون بها المقاومة فلم تعد تنطلي على ذي سمع او بصيرة.
وعندما تفلس منظومة سياسية لم تقدم للمجتمع سوى التدمير والخراب، فإن حق الناس في حماية أنفسهم من شرورها، يصبح هو معيار الشرعية لا نظرياتهم الممجوجة ولا "تغريداتهم" التي يلهون بها في أوقات التخلي أوالتجلي.
 
وقبل الحديث عن دويلة داخل الدولة، فليرفعوا أيديهم عن تلك الدولة حتى يراها الناس ويؤمنوا بوجودها.
وحتى ذلك الحين، والى ان تقوم دولة الرعاية والحماية، ستبقى كل مؤسسة ناجحة ترعى، ومعها كل بندقية تحمي، وكل ساعد يزرع ويد تبني، وكل صوت حق يرتفع في وجه اللصوص، شامخة صامدة مسددة بوعد الهي ممهور بحتمية النصر والعزة والكرامة.
"بسم الله الرحمن الرحيم: من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له"- صدق الله العظيم  
Programmed By Alaa Moubayed(03/082841)